التلوث البيئي ودور الإنسان فيه

التلوث البيئي ودور الإنسان فيه

لقد صدق من قال: "إنّ الإنسان بدأ حياته على الأرض وهو يحاول أن يحمي نفسه من غوائل الطبيعة، وانتهى به الأمر بعد آلاف السنين وهو يحاول أن يحمي الطبيعة من نفسه!".

والتلوث البيئي أحد أكثر المشاكل خطورة على البشرية، وعلى أشكال الحياة الأخرى التي تدب حالياً على كوكبنا، وأصبحت خطراً يهدد الجنس البشري بالزوال، بل يهدد حياة كل الكائنات الحية والنباتات.
وقد برزت هذه المشكلة نتيجة للتقدم التكنولوجي والصناعي للإنسان؛ فالإنسان هو السبب الرئيسي والأساسي في إحداث عملية التلوث في البيئة وظهور جميع الملوثات بأنواع مختلفة!.

ويشمل تلوث البيئة كلاً من البر والبحر وطبقة الهواء التي فوقها، وهو ما أشار إليه القرآن الكريم في قوله تعالى: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (الروم/ 41).
فأصبحت الكرة الأرضية اليوم مشغولة بهمومها، فالدفء ألهب ظهرها، وتغيرات المناخ تهدد جوّها، والمبيدات الحشرية قد أفسدت أرضها.
ولقد حذر الله سبحانه في مواضع متعددة من كتابه الكريم من الفساد في الأرض.. والفساد البيئي جزء من هذا الفساد في الأرض، بل هو أوّل ما يتبادر إلى الذهن في هذا المقام؛ فقد قال عزّ من قائل: (كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلا تَعْثَوْا فِي الأرْضِ مُفْسِدِينَ) (البقرة/ 60).
بل قد خصص الله بالذكر ذلك النوع من الفساد الذي يستأصل النبات والحيوان؛ فقال: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ) (البقرة/ 204-205).
وقد حرص النبي (ص) على تشجيع الزراعة بما يزيد الثروة النباتية ويضيف إلى البيئة الصالحة، فقال: "لا يغرس المسلم غرساً، ولا يزرع زرعاً، فيأكل منه إنسان ولا دابة ولا شيء؛ إلا كانت له صدقة".
ويشهد معظم الناس تلوث البيئة في صورة مكان مكشوف للنفايات، أو في صورة دخان أسود ينبعث من أحد المصانع!.
وقد يكون التلوث غير منظور ومن غير رائحة أو طعم، ولكنه كفيل بإضعاف متعة الحياة عند الناس والكائنات الحية الأخرى؛ فالضجيج المنبعث من حركة المرور والآلات مثلاً يمكن اعتباره شكلاً من أشكال التلوث.
ولا شك أنّ التلوث البيئي قد أصبح من أخطر المشاكل الصحية، إذ تشير الإحصائيات العالمية إلى ازدياد مطرد في نسبة الإصابة بالسرطان نتيجة التوسع في دائرة استخدام المبيدات الحشرية والأسمدة الكيماوية، ومكسبات الطعم واللون، بالإضافة إلى سوء تخزين المواد الغذائية، وخاصة الحبوب، والذي ينتج عنه بعض السموم الفطرية، ويصطلح على تسمية هذه السموم بالمسببات السرطانية.
2- تعريف البيئة:
هي إجمالي الأشياء التي تحيط بنا وتؤثر على وجود الكائنات الحية على سطح الأرض، متضمنة الماء والهواء والتربة والمعادن والمناخ والكائنات نفسها.
فالبيئة هي المجال المحيط بالكائنات الحية تؤثر فيه ويتأثر بها، لذلك يجب تجنب حدوث أي خلل في هذه المنظومة البيئية؛ لأنّ هذا الخلل ينعكس بشكل أو بآخر على الكائنات التي تحيا بها.
3- تعريف التلوث البيئي:
يختلف علماء البيئة والمناخ على تعريف دقيق ومحدد للمفهوم العلمي للتلوث البيئي. وربما كان أشمل تعريف هو: "إحداث تغير في البيئة التي تحيط بالكائنات الحية بفعل الإنسان وأنشطته اليومية، مما يؤدي إلى ظهور بعض المواد التي لا تتلاءم مع المكان الذي يعيش فيه الكائن الحي، وتؤدي إلى اختلاله".
فالتلوث البيئي هو:
أي تغير كمي أو نوعي يطرأ على تركيب عناصر النظام البيئي، ويؤدي لإحداث خلل فيه، ويعمل على إضافة عنصر غير موجود في النظام البيئي، أو يزيد أو يقلل وجود أحد العناصر.
4- مستويات التلوث:
أ- التلوث غير الخطير: وهو التلوث المتجول الذي يستطيع الإنسان أن يتعايش معه دون أن يتعرض للضرر أو المخاطر، كما أنّه لا يخلّ بالتوازن البيئي بين عناصر هذا لتوازن.
ب- التلوث الخطر: وهو التلوث الذي تظهر له آثار سلبية تؤثر على الإنسان وعلى البيئة التي يعيش فيها، ويرتبط بالنشاط الصناعي بكافة أشكاله.
وخطورته تكمن في ضرورة اتِّخاذ الإجراءات الوقائية السريعة التي تحمي الإنسان من هذا التلوث.
ج- التلوث المدمر: وهو التلوث الذي يحدث فيه انهيار للبيئة والإنسان معاً، ويقضي على كافة أشكال التوازن البيئي، وهو متصل بالتطور التكنولوجي الذي يظن الإنسان أنه يبدع فيه يوماً بعد يوم.. ويحتاج إصلاح هذا الخطأ لسنوات طويلة ونفقات باهظة.
- ثانياً: أنواع التلوث البيئي:

1- التلوث المائي (Water Pollution):
يحدث تلوث الماء نتيجة لإلقاء الإنسان للمخلفات في المياه، فمن أكثر المصادر التي تتسبب في تلويث مياه المجاري المائية هي مخلفات المصانع السائلة الناتجة من الصناعات المختلفة.
ويعتبر النفط الملوث الأساسي للبيئة البحرية نتيجة لعمليات التنقيب واستخراج النفط والغاز الطبيعي في المناطق البحرية أو المحاذية لها، كما أن حوادث ناقلات النفط العملاقة قد تؤدي إلى تلوث الغلاف المائي.
ويشمل تلوث المياه على:
تلوث المياه العذبة.
تلوث البيئة البحرية.
أ- المياه العذبة وأثره على صحة الإنسان:
المياه العذبة هي المياه التي يتعامل معها الإنسان بشكل مباشر، لأنّه يشربها ويستخدمها في طعامه الذي يتناوله.
وقد عانت مصادر المياه العذبة من تدهور كبير في الآونة الأخيرة لعدم توجيه قدر وافر من الاهتمام بها.
ويمكن حصر العوامل التي تتسبب في حدوث مثل هذه الظاهرة:
* استخدام خزانات المياه في حالة عدم وصول المياه للأدوار العليا والتي لا يتم تنظيفها بصفة دورية، وهو أمر يعد في غاية الخطورة.
* قصور خدمات الصرف الصحي والتخلُّص من مخلفاته.
* التخلص من مخلفات الصناعة بدون معالجتها، وإن عولجت فيتم ذلك بشكل جزئي.
أمّا بالنسبة للمياه الجوفية، ففي بعض المناطق نجد تسرب بعض المعادن إليها من الحديد والمنغنيز، إلى جانب المبيدات الحشرية المستخدمة في الأراضي الزراعية.
ومن أهم انعكاسات تلوث المياه العذبة على صحة الإنسان: أنّه يدمر صحة الإنسان من خلال إصابته بالأمراض المعوية؛ ومنها:
* الكوليرا.
* التيفود.
* الدوسنتاريا بكافة أنواعها.
* الالتهاب الكبدي الوبائي.
* الملاريا.
* البلهارسيا.
ولا يخفى أن تلويث موارد المياه بالبراز وما يشتمل عليه من جراثيم، عامل أساسي في نقل الأمراض، بصورة مباشرة من خلال الماء الملوث، أو غير مباشرة من خلال تلوث الخضراوات والثمرات التي تسقى بهذا الماء.
وهذا النهي عن تلويث الموارد والطرق، جزء من توجيهات الإسلام للحفاظ على صحة البيئة.
ويقابل ذلك أمر إيجابي بتنظيفها؛ فقد قال (ص): "إماطة – أي: إزالة – الأذى عن الطريق صدقة".
ولا يقتصر ضرره على الإنسان، وإنما يمتد ليشمل الحياة في مياه الأنهار والبحيرات، حيث إن الأسمدة ومخلفات الزراعة في مياه الصرف تساعد على نمو الطحالب وغيرها، كما أنها تساعد على تكاثر الحشرات مثل البعوض والقواقع التي تسبب مرض البلهارسيا على سبيل المثال.
ب- تلوث البيئة البحرية:
ويحدث ذلك إما بسبب النفط الناتج عن حوادث السفن، أو الناقلات، أو نتيجة للصرف الصحي والصناعي.
ج- الإسراف في استهلاك المياه وخطورته:
الماء شريان الحياة وسر من أسرار وجودها، جعله الله حياة ومعاشاً، وبه تستمر الحياة على وجه الأرض.
ولأنّه نعمة عظيمة من نعم الله التي لا تعد ولا تحصى على بني الإنسان، فقد أولاه ديننا الإسلامي الحنيف اهتماماً خاصّاً، ونبّه إلى أهميته: (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ) (الأنبياء/ 30).
وحثّنا على عدم الإسراف أو التبذير في استخدامه، ومع ذلك فإننا ما زلنا نسرف في أنفس وأغلى الموارد التي منحها الله لنا رغم التحذيرات المستمرة من خطورة التعامل الجائر مع هذا المورد النفيس.
نقول ذلك في ظل الاستهلاك غير الرشيد للمياه في العديد من الدول العربية، والذي ظهرت آثاره السلبية خلال السنوات الأخيرة، حيث زاد معدل استهلاك المياه عن المتوسط العالمي، وأصبحنا مستهلكين شرهين للمياه مع أننا في أمسّ الحاجة إلى هذه المياه المهدرة لافتقارنا إلى المخزون المائي الكافي.
ولا شكّ أن ترشيد استهلاك المياه يعكس الالتزام بالمبادئ السامية لديننا الإسلامي الحنيف، التي تنبهنا دوماً إلى عدم الإسراف، كما أنّ الترشيد يعد مؤشراً على المواطنة الصالحة، ورمزاً للتحضُّر، وإسهاماً حقيقيّاً في حماية البيئة.
ويكفي أن نعلم أنّ الدول التي تمتلك عدداً وفيراً من الأنهار والبحيرات العذبة، ولا تعاني من شح الموارد المائية، تنتهج سياسة رشيدة في استهلاك المياه، لقناعتها بأنّ الماء مورد نفيس يجب المحافظة عليه من الهدر.
وقد أصبح موضوع المياه يستحوذ على اهتمام الساسة والخبراء، في ظل ارتفاع حرارة الأرض وتصحرها، وجفاف كثير من ينابيع الأنهار ومصادر المياه.. وربما يصبح موضوع المياه مرشحاً لإشعال الحروب في المستقبل!.
وقد دعا الإسلام إلى الاعتدال في استخدام الماء، ومن ذلك استخدامه للوضوء، فالنبي (ص) نهى عن الإسراف في الماء ولو كان استعمالهُ في عبادة فضلاً عن غيرها، فعَن عبدالله بن عمرو (رض): "أن رسول الله (ص) مرّ بسعدٍ وهو يتوضأ فقال: "ما هذا السرف؟" فقال: أفي الوضوء إسراف؟! قال: "نعم، وإن كنتَ على نهرٍ جارٍ".
د- مظاهر الإسراف في الماء:
* الإسراف في الحمامات ودورات المياه العامة.
* الإسراف في غسيل أواني المطبخ.
* ترك الأطفال يسرفون ويعبثون في مياه الاستحمام.
* الري غير المرشّد للحدائق والملاعب.
* غسيل السيارات بخرطوم المياه.
* الإهمال في إصلاح التسريبات:
- تسريبات صنابير المياه وأدوات السباكة المختلفة.
- تسريبات خزانات المياه الأرضية وعدم إبلاغ الجهات الرسمية عن التسريبات.
* عدم وعي العمالة الوافدة بأهمية المياه (الخدم، منسقي الحدائق... إلخ).
* طرق الري القديمة.
2- التلوث الهوائي (Air Pollution):

أ- أسباب التلوث الهوائي وتأثيره:
ويحدث التلوث الهوائي عندما تتواجد جزيئات في الهواء وبكميات كبيرة، عضوية أو غير عضوية، وتشكل ضرراً على العناصر البيئية.
ويحدث تلوث الهواء بوجود الأتربة والعواصف والأعاصير، أو نتيجة الفعل البشري عن طريق الإشعاعات والوسائل التكنولوجية المؤثرة على الطبيعة، أو عوادم السيارات وغيرها من المصادر الصناعية الملوثة للهواء.
ويعتبر أكثر أشكال التلوث انتشاراً لسهولة انتقاله وانتشاره من منطقة إلى أخرى، خلال فترة زمنية وجيزة.
ويؤثر هذا النوع من التلوث على الإنسان والحيوان والنبات تأثيراً مباشراً، ويخلّف آثاراً بيئية وصحية واقتصادية واضحة على صحة الإنسان والحيوان.
كما أن زيادة تركيز بعض الغازات – مثل: ثاني أكسيد الكربون – يؤدي إلى انحباس حراري يزيد من حرارة الكرة الأرضية، وما يتبع ذلك من تغيرات طبيعية ومناخية قد تكون لها عواقب خطيرة على الكون.
وعلى مدار التاريخ وتعاقب العصور لم يسلم الهواء من التلوث بدخول مواد غريبة عليه؛ كالغازات والأبخرة التي كانت تتصاعد من فوهات البراكين، أو تنتج عن احتراق الغابات، وكالأتربة وغيرها، إلا أن ذلك لم يكن بالكمّ الذي لا تحمد عقباه، بل كان في وسع الإنسان أن يتفاداه أو يتحمله.
لكن المشكلة برزت مع انتشار الثورة الصناعية في العالم، ثمّ مع الزيادة الكبيرة في عدد السكان، وازدياد عدد وسائل المواصلات وتطورها، واعتمادها على المركبات الناتجة من تقطير البترول كوقود.
ولعل السيارات هي أسوأ أسباب تلوث الهواء، بالرغم من كونها ضرورة من ضروريات الحياة الحديثة، فهي تنفث كميات كبيرة من الغازات التي تلوث الجو، كغاز أوّل أكسيد الكربون السام، وثاني أكسيد الكبريت وغيرها.
ويمكننا تصنيف ملوثات الهواء إلى قسمين:
القسم الأوّل: مصادر طبيعية ليس للإنسان دخل فيها؛ مثل: الأتربة وغيرها من العوامل الأخرى.
القسم الثاني: مصادر صناعية؛ أي: إنها من صنع الإنسان، وهو المتسبب الأوّل فيها، لاختراعه وسائل التكنولوجيا التي تؤدي إلى انبعاث غازات وجسيمات دقيقة تنتشر في الهواء من حولنا وتضر ببيئتنا الطبيعية الساحرة.
والمدن الصناعية الكبرى في جميع أنحاء العالم هي من أكثر المناطق تعرُّضاً لظاهرة التلوث، بالإضافة إلى الدول النامية التي لا تتوافر لها الإمكانيات للحد من تلوث البيئة.
ب- ملوثات الهواء:
ومن أكثر العناصر انتشاراً والتي تسبب تلوث الهواء:
* الجسيمات الدقيقة: وهي الأتربة الناعمة العالقة في الهواء، والتي تأتي من المناطق الصحراوية، أو تلك الملوثات الناتجة من حرق الوقود ومخلفات الصناعة، بالإضافة إلى وسائل النقل.
* ثاني أكسيد الكربون: المصدر الرئيس لهذا الغاز الضار هو الصناعة.
* أكاسيد النيتروجين: تنتج من حرق الوقود.
* الكلوروفلوروكربون:.
* الأوزون: ويأتي نتيجة تفاعل أكاسيد النيتروجين مع الهيدروكربون في وجود أشعة الشمس، وهو أحد مكونات الضباب الدخاني (Smog).
* أوّل أكسيد الكربون: يوجد بتركيزات عالية وخاصة مع استعمال الغاز في المنازل.
* دخان السجائر: وهو أقرب الأمثلة والأكثر شيوعاً في إحداث التلوث داخل البيئة الصغيرة للإنسان (المنزل – المكتب).
والدخان المنبعث من التبغ أو السجائر يقتل حوالي (4) مليون شخص سنويّاً، ومن المتوقع أن تزيد هذه النسبة إلى (10) مليون شخص سنويّاً بحلول عام 2020 إذا استمر وجود مثل هذه الظاهرة.
ج- الاحتباس الحراري خطر يهدد الوجود البشري:
كثر الحديث مؤخَّراً عن ظاهرة الاحتباس الحراري، وعقدت من أجلها المؤتمرات.
ويمكن تعريف ظاهرة الاحتباس الحراري (Global Warming) على أنها الزيادة التدريجية في درجة حرارة أدنى طبقات الغلاف الجوي المحيط بالأرض؛ كنتيجة لزيادة انبعاث غازات البيوت الزجاجية الخضراء (Green House Gases)، وغيرها من الأسباب.
د- الاحتباس الحراري يؤثر على الصحة البشرية:
وقد تؤدي ظاهرة الاحتباس الحراري إلى:
* ازدياد حالات الربو والحساسية بسبب ازدياد معدلات التلوث في الهواء وازدياد حبوب اللقاح المسببة للحساسية في الجو.
* انخفاض نوعية مياه الشرب في بعض المناطق، مما يؤدي إلى ارتفاع نسبة الأمراض التي ينشرها البعوض الذي يعيش في المياه الراكدة؛ مثل: الملاريا والحمى الصفراء والكوليرا وغيرها.
* انتشار الأوبئة (بسبب الفيروسات والطفيليات والفطريات) بين الحيوانات (وخاصة الطيور والحيوانات الأليفة)، والنباتات البرية والبحرية (كالمحار والمرجان)، وزيادة مخاطر انتقالها إلى البشر.
* تحرك الأمراض المستوطنة في أماكن دافئة – كحمى الضنك والملاريا – نحو الشمال، واتساع رقعة تفشيها جراء ارتفاع درجات الحرارة.. كما ستفتك موجات الحر الشديد بالمزيد من البشر في المزيد من مناطق العالم.
3- تلوث التربة:
إنّ التربة التي تعتبر مصدراً للخير والثمار، من أكثر العناصر التي يسيء الإنسان استخدامها في هذه البيئة؛ فهو قاسٍ عليها، لا يدرك مدى أهميتها رغم أنها مصدر الغذاء الأساسي له ولعائلته.
وتتلوث التربة نتيجة استعمال الأسمدة والمبيدات وإلقاء الفضلات الصناعية، وينعكس ذلك على الكائنات الحية في التربة وخصوبتها، مما ينعكس أثره على النبات والحيوان والإنسان.
ومن أهم النتائج المترتبة على تلوث التربة: التلوث الغذائي.
4- التلوث الغذائي:
كان للتطور المذهل في صناعة الأغذية خلال الخمسين عاماً الماضية أكبر الأثر في تلوث الطعام كيميائيّاً عن طريق استخدام الأسمدة الصناعية، والمبيدات الحشرية، وعدم معالجة مخلفات المصانع، وإنشاء الطرق السريعة بالقرب من الحقول الزراعية.
وتعتبر المعادن الثقيلة – مثل: الزئبق والرصاص والزرنيخ – من أخطر المواد الملوثة للتربة الزراعية ومياه الشرب ومياه الري، وبالتالي المحاصيل الزراعية.
والتلوث الغذائي عبارة عن احتواء المواد الغذائية على الجراثيم أو المواد الكيمائية أو المشعّة المسببة للأمراض التي تؤدّي إلى حدوث التسمّم الغذائي.
والتلوث الغذائي قد يكون ناتجاً عن تحلل الغذاء بسبب البكتيريا والفطريات، أو طول فترة التخزين، أو التعرّض للإشعاع الطبيعي... أو غير ذلك من العوامل التي قد لا يكون الإنسان سبباً مباشراً فيها.
وقد ينجم عن تصرّفات الإنسان – بقصد أو دون قصد – مثل التلوث الكيماوي للأغذية وغيره.
ومن القواعد الصحية في الإسلام: حفظ الطعام والشراب من التلوث، فالإسلام يأمر بتغطية الطعام حماية له من التلوث، كما في الحديث الذي رواه ابن ماجه عن جابر: "غطوا الإناء".
كما نهى النبي (ص) عن تلويث الغذاء والماء بمفرغات البدن التي تحمل الجراثيم وتنقل العدوى، فقال (ص): "لا يبولن أحدكم في الماء الراكد".
كما نهى رسول الله (ص) أن يبول الرجل في مستحمه.
5- التلوث بالنفايات:
ويشمل التلوث بالنفايات على القمامة والنفايات الإشعاعية.
أ- القمامة:
والمقصود بها هنا القمامة ومخلفات النشاط الإنسان في حياته اليومية. وتتزايد نسبتها في البلدان النامية وخاصة في ظل التضخم السكاني.
وسنعقد مقارنة بسيطة بين مكونات القمامة ونسبتها في بعض الدول:

الدولة
ورق
مواد عضوية
رماد
معادن
زجاج
مواد أخرى
أمريكا
42
22.5
10.5
8
6
11.5
فرنسا
296
24
2.5
4.5
3.5
14
السويد
55
12
6
15
12
مصر
10
55
10
5
5
15

وقد تؤدي هذه النفايات، مع غياب الوعي الصحي، إلى جانب ضعف نُظُم جمعها والتخلص منها، إلى الأضرار الجسيمة الآتية:
·انتشار الروائح الكريهة.
·تشكل بيئة خصبة لظهور الحشرات؛ مثل: الذباب والبعوض والفئران.
·تكاثر الميكروبات التي تسبب الإصابة بـ: الإسهال أو الكوليرا أو الدوسنتريا الأميبية وغيرها.
ب- النفايات الإشعاعية:
ما زال النقاش يدور حول كيفية التخلص من النفايات الإشعاعية.
ولا تقتصر النفايات الإشعاعية على العسكريين فقط وأسلحتهم المدمرة، ولكنها تمتد أيضاً للمدنيين؛ حيث تصدر نفايات إشعاعية عن توليد الكهرباء وغيرها.
ويسيء المدنيون إلى البيئة من خلال التعامل مع هذه النفايات عن طريق "الدفن"، وينظرون إليه على أنه الخيار الوحيد أمامه للتخلص منها.
ولا يقتصر حجم الكارثة على دفن هذه النفايات، فهي ستمتد إلى البيئة المحيطة بها، وخاصة الأطعمة التي يتم زراعتها في هذه الأراضي الملوثة، والتي ستؤثر على حياة الإنسان على فترات طويلة.
6- التلوث الضوضائي (Noise Pollution):
ويشمل ضوضاء الطريق، وضوضاء الطائرات، والضوضاء الصناعية.
فقد زادت شدة الضوضاء في عالمنا المعاصر بشكل كبير، ولم تعد مقتصرة على المدائن الكبرى والمناطق الصناعية، وإنما وصلت إلى الأرياف. كما لم تسلم البيوت من الضوضاء بعد سخّر الإنسان كل وسائل التقنية الحديثة لرفاهيته من الراديو والتلفاز وأدوات التنظيف وغيرها.
ولقد غزت الضوضاء المآوي القليلة الباقية للصمت في العالم، بل ربما لن يجد الإنسان مكاناً يلجأ إليه، إذا ما أراد الهروب إلى بقعة هادئة!.
7- التلوث الضوئي (Light Pollution):
ويشمل الإفراط في الإضاءة والأنوار المتلألئة الساطعة.
8- التلوث البصري:
وهو تشويه لأي منظر تقع عليه عين الإنسان، ويشعر بعدم الارتياح النفسي له.
ويوصف أيضاً بانعدام التذوُّق الفني لكل شيء يحيط بنا، ومثاله: اللوحات الإعلانية على طرق السيارات، ومنظر أماكن تخزين النفايات المفتوحة وغيرها.
- ثالثاً: التلوث البيئي والأطفال:
يعتبر التلوث البيئي – وفق تقارير منظمة الصحة العالمية – السبب الرئيس لثلث وفيات الأطفال دون سن الخامسة، والبالغ عددها تسعة ملايين حالة على مستوى العالم سنويّاً.
وتضمنت أسباب الوفاة تلوث المياه، ودخان التبغ، والمبيدات الحشرية، والتسمم بالزئبق والرصاص، والإشعاعات، والتغيرات المناخية.
ويقف الالتهاب الرئوي في مقدمة الأمراض التي تفتك بحياة الأطفال.. ويرجع نصف الوفيات الناجمة عنها سنويّاً إلى الدخان الناجم عن حرق الوقود الصلب داخل المباني، والتدخين السلبي!.
واحتل الإسهال – الذي يفتك بحياة (1.5) مليون طفل دون الخامسة سنويّاً – المركز الثاني في أسباب وفيات الأطفال.. وتعزى (88%) من حالات الوفاة بسبب الإسهال إلى تلوث المياه، وعدم النظافة الشخصية.
وهذا ما يؤكد إمكانية الوقاية من الإسهال عن طريق معالجة مياه الشرب وتخزينها بطريقة آمنة، وغسل الأيدي، والاقتصار على الرضاعة الطبيعية للأطفال الرُّضَّع.
ويؤثر التسمم بكافة أشكاله على أعمار الأطفال وقدراتهم العقلية والبدنية، فالتسمم بالرصاص (الموجود في البنزين ومواد الطلاء وغيرها) يلحق أضراراً بأكثر من ثلث الأطفال في بعض المناطق النامية، كما يعرقل نمو دماغ الطفل.
ويهدد التسمّم الحاد بالمبيدات الحشرية حياة الأطفال، ويحدث التعرّض له جرّاء استخدام تلك المواد في الحدائق والمنازل والمدارس وغيرها.
- رابعاً: وسائل معالجة التلوث:

1- معالجة تلوث الهواء:
* التقليل من الغازات والجسيمات الصادرة من مداخن المصانع كمخلفات كيميائية، بإيجاد طرق إنتاج محكمة الغلق.
* البحث عن مصدر بديل للطاقة لا يستخدم فيه وقود حاوٍ لكميات كبيرة من الرصاص أو الكبريت، وربما يعتبر الغاز الطبيعي أقل مصادر الطاقة الحرارية تلوثاً.
* الكشف الدوري على السيارات المستخدمة، واستبعاد التالف منها.
* الاستمرار في برنامج التشجير الواسع النطاق حول المدن الكبرى.
* الاتفاق مع الدول المصنعة للسيارات بحيث يوضع جهاز يقلل من هذه العوادم، وذلك قبل الشروع في استيراد السيارات.
2- معالجة تلوث الماء:
* عدم إلقاء مياه المجاري الصحية في المسطحات البحرية قبل معالجتها.
* معالجة مياه الصرف الصحي بإنشاء محطات حديثة لتخليصها من التلوث، وتصفيتها لإعادة استخدامها في الزراعة.
* مراقبة تلوث ماء البحر بصورة منتظمة، وخاصة القريبة من مصبات التفريغ من المصانع.
3- معالجة تلوث التربة:
* التوسع في زراعة الأشجار.
* الترشيد في استخدام المبيدات الزراعية.
* عدم إلقاء المخلفات والنفايات بكل صورها.
* العناية بالتربة وسلامة المياه.
4- معالجة تلوث النفايات:
* معالجة القمامة؛ مثل: الفضلات، وفوائض المواد عديمة الفائدة، بإنشاء مواق نظامية للطمر الصحي.
* إنشاء مصانع كيميائية لتصنيع المخلفات والمواد الثقيلة، باعتبارها مواد أولية لصناعة الأسمدة الكيمياوية، ومواد البلاستك، والمعادن الأخرى.

المصدر: كتاب الثقافة الصحيِّة متعة الحياة
عن: http://www.startimes.com/f.aspx?t=32871819

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق